مقدمة:
الالتزام كلمة قد يوحي وقعها اللفظي بشيء من البساطة، إلا أنها تحمل في طياتها معانٍ عميقة وتحديات كبيرة.
هناك خرافة شائعة تقول إن النجاح أو السعادة في الحياة مرهونان بالموهبة أو الذكاء أو ربما ثلة من القدرات الفريدة، ولكن الحقيقة التي يغفل عنها الكثيرون هي أن الالتزام هو العامل الفاصل والأكثر تأثيرًا في حياتنا.
في هذا المقال، سنفكك سويًا إشكالية مفهوم الالتزام ونوضح الفرق بينه وبين الاستمرارية، كما سنلقي الضوء على دوره في الحياة الشخصية والعلاقات، وكيف يمكن تحويله إلى سلوك يومي يتجاوز التحديات.
الالتزام ليس هو ذاته الاستمرارية:
الاستمرارية هي القدرة على المواصلة في فعل شيء ما، طالما هناك دافع أو متعة. أما الالتزام فهو القدرة على المواصلة حتى في حالة غياب هذه الدوافع أو المتع المقرونة بالفعل.
إنه القدرة على “إحضار الجثة/ الجسد” ودفعه للنشاط حتى مع غياب الدافع، أي الاستمرار حتى عندما لا تشعر بأي رغبة في المضي قدمًا.
المعيقات الحقيقية للالتزام:
إن أكبر معيق للالتزام ليس الظروف الخارجية، بل هو انطفاء الشغف. عندما يختفي الشغف، يصبح من الصعب جدًا الاستمرار؛ قد نشعر بالملل، بالإحباط، أو ربما باليأس. ولكن الالتزام الحقيقي هو القدرة على تجاوز هذه المشاعر والمواصلة رغم كل شيء.
والحقيقة أنه قد لا يوجد شخص يشعر بالشغف طوال الوقت، بل حتى الأشخاص الأكثر نجاحًا يمرون بأوقات يشعرون فيها بفقدان الشغف. ويكمن المفتاح في عدم التعويل المطلق على الشغف كمصدر وحيد للتحفيز. إذ يجب أن نجد طرقًا أخرى للاستمرار حتى عندما يختفي الشغف.
الالتزام في العلاقات: التحدي الأكبر
من أهم الجوانب التي يظهر فيها الالتزام بوضوح هو جانب العلاقات، سواء كانت أسرية أو عاطفية.
ففي بداية أي علاقة، تكون الأمور مثالية، يسعى أي شخص لقضاء الوقت مع شريكه، والاهتمام بالطرف الآخر.
ولكن مع مرور الوقت، تدخل العلاقات في مراحل من الفتور أو التحديات، وهنا يظهر مدى جودة التزام الأشخاص ببعضهم.
الالتزام في العلاقات يعني الاستمرار في العمل على هذه العلاقات حتى عندما تتلاشى السحابة الوردية وتظهر الصعوبات. إنه القدرة على تقديم الدعم للشريك والأسرة حتى في الأوقات التي تكون فيها الحياة صعبة أو محبطة. الالتزام هو ما يجعل العلاقة تستمر وتنجح في مواجهة التحديات، وليس مجرد العاطفة أو اللحظات السعيدة.
كيف تتجاوز معيقات الالتزام؟
قد اتفقنا أن أكبر تحدٍ أمام الالتزام ليس المعيقات الخارجية، بل غياب الشغف أو الرغبة. كثيرا ما نتوهم أن العوامل الخارجية هي التي تعيق الالتزام، كضغوط العمل أو الأسرة، ولكن الحقيقة أن العائق الأكبر داخليًا بالأساس. فعندما يختفي الشغف الذي دفعنا للبدء في فعل معين، وكنا نعول عليه فقط، حينها يصبح من الصعب جدًا الاستمرار.
كيف يمكننا تجاوز هذه المعيقات؟ الحل يكمن في العمل رغم غياب الرغبة. سواء كان ذلك في العمل أو العلاقات أو حتى في تطوير الذات، يجب أن نكون قادرين على الالتزام حتى عندما تبدو الأمور صعبة أو عندما نفقد الحافز الذي كان يدفعنا للمواصلة.
فمثلًا عندما يلتزم الشخص بنظام غذائي أو بممارسة الرياضة، قد يواجه لحظات يشعر فيها بالتعب أو الملل أو حتى الرغبة في الاستسلام، لكن الشخص الملتزم هو الذي يستمر رغم كل تلك المشاعر السلبية، لأنه يعرف أن النجاح لا يأتي إلا من خلال المثابرة.
الشغف والالتزام: العلاقة المعقدة
ومن ثمّ فإن أكبر الخرافات التي يتم تداولها هي أن الشغف هو الأساس في كل شيء، وأنه يجب أن يكون الشخص شغوفًا بما يقوم به حتى يحقق النجاح. ولكن الواقع أكثر تعقيدًا، فالشغف قد يكون الدافع الأولي، ولكنه نادرًا ما يكون القوة المحركة على المدى الطويل.
إن من يتميزون هم من يعرفون أن النجاح يأتي من خلال العمل الجاد والمستمر، وليس من خلال الاعتماد على الشغف وحده.
الخلاصة:
الالتزام هو مفتاح النجاح في أي مجال من مجالات الحياة. إنه القدرة على الاستمرار حتى عندما يكون الأمر صعبًا. من خلال فهم المعيقات الحقيقية للالتزام وتعلم كيفية التعامل معها، يمكننا تحقيق أهدافنا وتحقيق النجاح الذي نسعى إليه. نتذكر، الالتزام رحلة، وليست وجهة. نستمتع بالرحلة، ونتعلم من أخطائنا، ولا نستسلم أبدًا.
شاركنا تجربتك:
هل سبق لك أن واجهت صعوبة في الالتزام بهدف ما؟ كيف تغلبت على هذه الصعوبة؟ شاركنا تجربتك في التعليقات.
اذا كنت مهتم بموضوع الالتزام الذاتي ، يمكنك تسجيل بريدك الالكتروني لتكون أول من يعلم باطلاق دورة الالتزام الذاتي والخروج من التشظي وبخصم مميز
هل ترى أن الالتزام (الاستمرار حتى بدون شغف) هو نفسه المثابرة؟
من اكبر مشاكلي هي عدم القدرة على الالتزام… لو كنت التزمت بنا بدأته منذ سنوات لكنت الآن في وضع افضل بكثير… دائما استسلم و ابدأ من الصفر و ألوم نفسي على ذلك . اراني لا استمر في شيء إلا اذا كان الدافع خارجي او مجبورة على الاستمرار و لكن دوافعي الداخلية لا تستطيع حملي على الالتزام
اولا ،، سعيدة بمعرفتك د. عماد من خلال متابعتي لبعض المواضيع المهتمة بها من خلال النت ،
والحمدلله اني وجدت هذا الموقع اللطيف والمفيد ،،
عن نفسي ، لم أكن ملتزمة في كثير من الأمور التي تنفعني فعلا واحتاجها ،، وقد سقطت في اشباح كثيرة من الملل والضجر وانطفأ الشغف وغيره من الأفكار السيئة ،، وبفضل الله وتوفيقه وعونه أحب ان ألتزام فيما بقي لي من مساحة العمر والحياة اليومية ، شكرا على هذه المقالات القيمة والمفيدة ، واسأل الله تعالى التوفيق والسداد لي ولكم. جزاك الله خير 🌱