مقدمة:
في عالَم العلاقات الإنسانية تتشابك المشاعرُ والأفكارُ لتُشكِّل نسيجًا معقَّدًا من التفاعلات. ومن بين أكثر المعتقدات تأثيرًا وإشكاليةً في هذا السياق نجِد ما يُعرف بـ “خُرافة عدم الاستحقاق” خرافةً مؤثرةً تَنسج خيوطها في أعماقنا. هذا المعتقَد الخفي غالبًا ما يتسلل إلى وعينا، مؤثرًا تأثيرًا كبيرًا على جودة علاقاتِنا وصحتنا النفسية.
في هذه المقالة سنستكشف معًا أبعادَ هذه الخُرافة، ونتعرَّف على كيفية تحرير أنفسنا وعلاقاتنا من قيودها.
ما هو معتقَد عدم الاستحقاق؟
هو اعتقادٌ عميقٌ -غالبًا لا واعٍ- بأننا لا نستحق الحصول على ما نريد في علاقاتنا أو في الحياة. إنه صوتٌ داخليٌّ يَهمس لنا بأننا لسنا جيِّدين بما يكفي، أو أننا لا نستحق الحُب والاحترام والسعادة. قد يتجلى هذا المعتقَد في شكلين رئيسيين:
- عدم استحقاق الذات: الشعور بأننا لا نستحق علاقةً صحيةً ومُرضية.
- عدم استحقاق الآخر: الاعتقاد بأن الشريك لا يستحق ما نُقدمه له من اهتمام ورعاية.
جذور المعتقَد:
يتجذر هذا المعتقَد عادةً في تجارب الطفولة المبكرة والتنشئة الاجتماعية. قد ينشأ من:
- تجارب الإهمال أو الإساءة.
- التعرض لنماذج علاقات غير صحية.
- الضغوط الاجتماعية والثقافية.
- تجارب الفشل السابقة في العلاقات.
كيف يؤثِّر معتقَد عدم الاستحقاق على العلاقات؟
- التأرجح بين الشعور بالذنب ولوم الآخَر: يَخلق هذا المعتقد دورةً مستمرةً من الشعور بالذنب الشديد تجاه الذات، يَتبعه لومٌ مفرِطٌ للشريك. هذا التأرجح يمنع تطورَ علاقة متوازنة وصحية.
- صعوبة في تقبُّل الحُب والاهتمام: الشخص الذي يعتقد أنه غير مستحقٍّ قد يجد صعوبةً في تصديق المديح أو مشاعر الحُب والاهتمام وتقبُّلها من شريكه، ممَّا يَخلق توترًا في العلاقة.
- السلوك “التضحوي” المفرِط: قد يَميل الشخص إلى التضحية المفرِطة في العلاقة، معتقِدًا أن هذا هو السبيل الوحيد لاستحقاق الحُب والقبول.
- صعوبة في التعبير عن الاحتياجات، والتردد في طلب ما نريد : الخوف من عدم الاستحقاق قد يمنع الشخص من التعبير عن احتياجاته الحقيقية في العلاقة؛ نخاف من الرفض أو أن نبدو أنانيين، فنُفضِّل الصمتَ والتضحيةَ بدلًا من المُطالبة بما نستحق.
- توقُّع الفشل المستمر: يَخلق هذا المعتقد توقُّعًا داخليًّا بفشل العلاقة، مما قد يؤدي إلى سلوكيات سلبية غير واعية.
- قبول الإساءة: قد يقودنا هذا المعتقَد إلى قبول سلوكيات مُسيئة أو غير صحية من الطرَف الآخَر. نشعر أننا لا نستحق الأفضل، فنرضَى بالقليل ونتجاهَل إشارات التحذير.
كيفية تجاوز معتقَد عدم الاستحقاق:
- الوعي الذاتي: الخطوة الأولى هي إدراك وجود هذا المعتقَد. التأمل الذاتي والتفكير النقدي في أنماط التفكير والسلوك يُمكن أن يساعد في كشف هذه المعتقدات الخفية.
- تَحدي الأفكار السلبية: عندما تَظهر أفكار عدم الاستحقاق، حاول تحدِّيها بأدلة واقعية؛ اسأل نفسك: “هل هذه الفكرة حقيقية أَم مجرد افتراض؟”
- ممارَسة التعاطف مع الذات: تعلَّم أن تكون رحيمًا مع نفسك. تذكَّر أن الجميع يستحق الحُب والاحترام، بما في ذلك أنت (وأنتَ كذلك).
- بناء تقدير الذات: العمل على تعزيز تقدير الذات من خلال تحديد نقاط القوة والإنجازات الشخصية.
- التواصل المفتوح في العلاقات: تشجيع التواصل الصريح والصادق مع الشريك حول المشاعر والاحتياجات.
- طلب المساعدة: في بعض الحالات قد يكون العلاج النفسي مُفيدًا في استكشاف جذور هذه المعتقدات وتطوير استراتيجياتٍ للتغلب عليها.
نحو معتقَد بديل: الاستحقاق المتوازِن
الهدف هو تطوير معتقَد بديل يقوم على فكرة أن كِلا الطرفين في العلاقة يستحقُّ الحُب والاحترام والرعاية. وأننا جميعًا نرتكب الأخطاء. الحياة ليست مثاليةً، والعلاقات ليست خاليةً من التحديات، ولكن هذا لا يعني أننا لا نستحق أن نحظَى بعلاقات صحية ومُرضِية.
هذا المعتقَد البديل يُمكن تلخيصُه في الجملة التالية:
“كِلانا يستحق، وكِلانا قد يُخطئ، وهناك ما يَكفي لكليْنا”.
هذا المعتقَد يَعترف بأن:
- كل شخص يستحق الحب والاحترام.
- الأخطاء جزءٌ طبيعيٌّ من الحياة والعلاقات.
- العلاقة الصحية تتسع لاحتياجات كِلا الطرفيْن ورغباتهما.
تطبيق المعتقَد الجديد في الحياة اليومية:
- ممارسة التقبل: تقبَّل نفسَك وشريكك بكل عيوبكما وميزاتكما.
- التوازن في العطاء والأَخذ: العمل على خَلق توازن صحي في العلاقة، حيث يشعر كِلا الطرفيْن بالقدرة على العطاء والأخذ.
- الاعتراف بالأخطاء والتعلُّم منها: بدلًا من الغرق في الشعور بالذنب، تعلَّم الاعتراف بالأخطاء والتعلُّم منها.
- تقدير الذات والآخَر: العمل على تطوير تقديرٍ حقيقيٍّ لقِيمتك وقِيمة شريكك.
- الاحتفال بالنجاحات: الاحتفال بالنجاحات الصغيرة والكبيرة في العلاقة يُعزز الشعور بالاستحقاق.
خاتمة:
تحرير أنفسنا من معتقَد عدم الاستحقاق هو رحلة مستمرة من النمو الشخصي والعلائقي. إنها عملية تتطلب الوعي والصبر والممارسة المستمرة. من خلال تبني معتقَد الاستحقاق المتوازِن، نفتح الباب لعلاقات أكثر صحةً وعمقًا، ونُمهد الطريق لحياة أكثر رضًا وسعادة.
نتذكر دائمًا: نحن تستحق الحُب والاحترام، وكذلك الآخَرون.
معًا يُمكننا بناء علاقات تتسع للكل، بكل ما نحمل من قوة وضَعف، نجاح وفشل، أمل وخوف.
هذه هي الحقيقة الجوهرية التي تقود إلى علاقات أصيلة ومُرضية.
“شاركونا تجاربكم وآرائكم حول موضوع “عدم الاستحقاق في العلاقات”. هل سبق لكم أن واجهتم هذا المعتقد في حياتكم؟ وكيف تعاملتم مع؟
كلامك ينطبق عليا جدا د عماد …. انا طول حياتي لحد الان كل العلاقات الي كانت بتبوظ او بتفقد العمق بسبب اني كنت احس اني كتير على الاشخاص وان ، وانهم المفروض يكونوا ممتنين ديما لاهتمامي الخرافي دا ، او النقيض التام احس اني لا استحق هذا الحب وانني مخادعة كبيرة … ونتيجه لهذا اشعر بالذنب الشديد …..كانت اول مره اسمع من حضرتك جملة ان مش لازم يكون في حد جيد وحد سيء …الجمله دي ادهشتني بشكل …يعني احنا الاتنين ينغع نكون جيدين وزي الفل …اكيد بتهزرو ….حسيبت اني اخيرا تنفست وخلعت درعي وخرجت من ساحة النزال الي بفرضها على نفسي كل مرة
كأنك توصفنا يا دكتور
منتظرين تدريبات على توكيد الذات وتقديرها
هذا الفيديو من أي دورة هل العلاقات؟
مهارات العلاقات الصحية
عن الشريك اتكلم كنت دايماً التشكي منه ولومه لوم شديد وغير قادره عن النظر إليه بعطف وتسامح ورحمه الى ما اكتشف وانار الله بصيرتي ومكني من معرفه ان كنت غير قادره على النظره لنفسي اني ضعيفه او عندي احتياجات ارجو تلبينها الى ان اكتشف ان من حق الاخر الخطأ وان من دوري ان لا احكم واقف ك حارس الزنزانة اتعلمت ولازلت اتعلم النظر للرحمه لنفسي والآخر سواء كان شريك او علاقة عائليه او صديق او غيره وتذكرت حديث الرسول ان القريب له يوم القيامه هو كل هين لين سهل قريب واتمنى ان اكون ذلك
وختاما ارجو من الله ان يرزقك العمل الصالح والعلم الذي ينتفع به ويرزقك ويجعل لك نصيباً كبيراً في اسمك يادكتور رشاد