السادة الآتية أسماؤهم محض خرافات (مع الاحترام كاملًا لمَن يعتقدونها)
(الجزء الأول)
تنظيف الشاكرات.
العلاج بالتنويم الإيحائي.
طاقة الأنوثة وطاقة الذكورة.
قانون الجذب.
تحقق الأحلام (ولا نتحدث هنا عن الرؤى من الله).
التخاطر.
تجارب القرب من الموت NDE.
الأعمال والدجل وقدرتها المطلقة على تغيير مصير إنسان.
المس واللبس والعشق بالمفهوم الشعبي.
الجن في الحمَّام (حمامات بيوتنا ذات المياه الجارية لا تُعد داخلةً تحت تصنيف الخلاء، فكفوا عن إرعاب الأطفال).
كل الرُّقى التي تحيد عن المأثور بالقرآن والسُّنة، أو تعتمد تعدادًا أو انتقاءات لا أصل لها.
تجارب الخروج من الجسد.
التأثيرات العلاجية للأحلام الشفافة lucid dreaming.
الأضرار الطبية للعادة السرية غير المرافقة للإباحيات وبالمعدلات غير الإدمانية/ غير القهرية. (ولا نتحدث هنا عن الحُكم الشرعي إنما خرافة الضرر الطبي).
جُلُّ أفكار الرجال من المريخ والنساء من الزهرة.
الأرض مسطحة.
ما وراء الجدار الجليدي.
التناسخ.
العَود الأبدي.
فرويد منحرف (وشايف إنك عايز تنام مع أمك)!
داروين يقول إن الإنسان أصله قرد. (لا نُقر النظريتين، لكنهما – للأمانة والإنصاف – لم يقولا ذلك).
الحياة عادلة. (الصواب أن الله عادل، ومجموع الحياتين الدنيا والآخرة هو العدل، لكن الدنيا بتأثيرات فعلنا ليست عادلة).
الكلام عن شيء ما يستجلبه ويُحققه، والتلفظ بمخاوف معينة يستدعيها لحياتك.
الصدمات النفسية والأمراض النفسية متحكمة فينا ومُحركة لسلوكنا (الصواب أنها مؤثرة وليست متحكمة).
كل الدواء النفسي يلعب في كيمياء الدماغ ويسبب الإدمان.
الأبراج.
الخريطة الفلكية.
١١:١١
طاقات الألوان والأشكال الهندسية.
كلها خرافات وأساطير شَعبية ومنتوجات علوم زائفة أو أخطاء في النقل والترجمة أو تشوهات في الفهم والتأويل، وخلافه؛ هي بلا أصل إلَّا ما كان منها مجازًا للتقريب لا مقصودًا في الحقيقة.
فماذا عن التحليل النفسي: هل يُضاف إلى هذه القائمة؟
التحليل النفسي ينقسم إلى قسمين:
الأدبيات الكلاسيكية الأولى، وهي المحاولات التنظيرية للتحليل الذي كان متأثرًا بعصره ومتزمنًا بتاريخيته ومَشوبًا بوضع الموثوقية العلمية المهترئة نسبيًّا حينها.
القسم الثاني هو ما تولَّد عن ذلك من منتوجات مدارس التحليل النفسي المعاصر: كمدرسة أوتو كيرنبرج، وهانز كوهت، والتحليل العلائقي.. وخلافه. والقسم الثاني هذا لا خلاف على اتِّباعه المنهجية العلمية، ورصانته ووجاهته.
تحدث الإشكالية حين يأتي أحدهم ببراعم النظريات الأولى ويستدل بها على تهافت التحليل؛ كمَن يأتي ببعض أخطاء “وليم هارفي” الذي منح الطب زخمًا استثنائيًّا لكنه كان يحمل كذلك بعض الأفكار المتأثرة بزمنه، لكن لولاه لما كان بين أيدينا الفسيولوجيا الحديثة أو التشريح بمعناه الحالي. فالتبرعمات الأولى تُعد مرحليةً تُقرَأ من خلال استدماجها في طابعها النهائي لا من خلال (أنموذجها) المتزمِّن والمُبكر، وإلا لأسقطنا قيمة الجميع ابتداءً من جالينوس مرورًا بـ ابن سينا والرازي وعبورًا بـ بنسفانجر وألزهايمر وربما انتهاء بـ سولمان! ولأسقطنا نيوتن وإقليدس بفعل إينشتاين!
الحقيقة أن كثيرًا من أطروحات التحليل الأولى – وإن سقط بعضها بفعل النمو العلمي – قد تسلل إلى الرؤية النفسانية واستُدمِج في أنظمة علاجية ومدارس تنظيرية لا يَصفها باللاعلمية سوى جاهل، كالعلاج الدينامي وخلافه. لذا يُعد الحُكم المُجتزَأ على التحليل النفسي في لحظة تاريخية بعينها نوعًا من الخلل المنهجي، ولا ينبغي تناوله إلا باستحضار شمولية تطوره وبقاء مرتكزاته النظرية داخل مدارس حديثة تتبع المنهجية العلمية الصارمة وتقر في الأروقة العلمية الموثوقة، بل حتى من خلال المقاربات ذات الوجاهة والمصداقية في تصنيفات WHO/ APA، ولكن -مع الأسف- يقوم بعض سطحيي النظر بتمرير فكرة للمثقف العربي أن التحليل النفسي سقط تمامًا، وأنه أصبح من تاريخ الطب، غافلًا عن هذا الحضور المعاصر لذُريته الطبيعية.
وللتحليل النفسي وضع متفرد كعلم/ وهيرمونطيقيا/ وبراكسيس praxis، لكن موقع العلوم الزائفة والخرافات – بعد دحضها – لا يتغير، هي نفسها قد تتناسخ بفعل ذلك النقد التشكيكي فتتخفف مما علق بها من “الخُرافي” وربما تُعيد تشكيل منهجياتها.
وهذا هو ما حدث مع التحليل، فالحُكم بأنه علم زائف على مساحات من التنظير التحليلي لا يزال حُكمًا صادقًا، ولكن مد الخط على استقامته ليشمل كل ما هو تحليل نفسي، به نوع من الإجحاف. فالنقد الذي وُجه للتحليل لا يزال معتدًّا به؛ لم يتغير الحكم على التحليل بتغيُّر رؤيتنا لِما هو علمي، بل بتغيُّر التحليل نفسه أمام وطأة النقد العلمي والتشكيكي، فظهرت تلك التنوعات التي تلافت الانتقادات واستخدمت منهجيات أكثر تماسكًا. وبالتالي فالحُكم على زيف ظاهرةٍ أو خرافة أو زيف علمٍ ما لافتقاره مقتضيات ومحكات معينة أو لوجود دلائل على منافاة واقعيته أو علميته، هو حُكم إن صح ابتداءً فلن يتغير بنمو معارفنا العلمية وإنما فقط بتناسخ الظاهرة نفسها واستفادتها من جدلية النقد لإنتاج طرح جديد.
فما كان بالأمس خرافةً كبئر الشباب وآلهة الأولمب، سيبقى خرافةً أبد الدهر، لكن البحث عن استدامة الشباب ومواجهة الشيخوخة قد تغيَّر في ذاته فأصبحنا نتحدث عن “طرح علمي” لحياة صحية تمد بالعمر. فهل اكتشفنا أن أصحاب الخرافة كانوا على حق؟ بالطبع لا، إنما انبثقت من الرغبة الأصلية التي أنشأت الخرافة (رغبة الإنسان في مواجهة فنائه وتأجيل موته) انبثقت منها رؤى جديدة اتخذت المنهجية العلمية طريقًا، فتوثَّقت.
وبالتالي تلك الفكرة المنتشرة: “يومًا ما سيكتشف العلم صدق الخرافات”، هي محاولة إنعاش يروجها أهل الخرافة أنفسهم للإبقاء عليها رائجة؛ فالحقيقة أنه لم يكتشف العلم صدق أهل الخرافة والعلوم الزائفة وإنما ستُضطر تلك العلوم وأهلها حين يتجاهلهم رَكب النماء والارتقاء إلى أن يُعيدوا تشكيل رؤاهم.
مثلًا: لم يتضح أن الكنيسة كانت أحق من جاليليو، لكن الذي حدث هو أنها تخلَّت عن رؤيتها تحت ضغط البراهين فنقَّحت نظرتها وأخرجت للنَّص الديني قراءةً جديدةً تُوافق المكتشَف العلمي. وهكذا كل ما يخالف الموثوق علميًّا -لا مجرد المطروح علميًّا- إما أن يُنقح نفسَه ويتناسخ أو سيَفنى مع الخيمياء/ والفراسة/ والتنجيم/ وخلافه من العلوم الميتة.