اكتشفتُ اليومَ لماذا لا أقوم بإنهاء أي شيء أبدؤه أبدًا، لماذا أُحب إبقاءَ الأمور عالقةً في طور الإنهاء بلا إنهاء قاطع. اكتشفتُ لماذا لا أُكمل الكُتبَ للنهاية، ولا الفيديوهات، ولا المنشورات.. ولا الأحلام.. وربما ولا الدراسات والمسارات المهنية!
اليوم، بعدما قررتُ أن أُغيِّر ذلك النمط عندي، وقررتُ أن أُنهيَ الكتب التي أبدؤها، وما إن أَنهيتُ كتابًا حتى طالعتني المفاجأة. إنه الخواء! إنه الوجه القبيح الذي أسعى لتلافي مقابلتِه دومًا.
فحين أكون مُنخرطًا في عملٍ ما، في منتصفه، في الطريق نحو هدفٍ ما، يكون لكلِّ شيءٍ معنًى وقيمةٌ وغاية، أكون عالقًا في طريقٍ، نعم. ولكنه طريقٌ واضحُ الوجهة، حتى إن تركتُه وذهبتُ لطريقٍ آخَر فإنني أختار ذلك لأن وجهةً أُخرى قد تراءت لي أشهَى أو أنفع! أما حين تنهي أيُّ شيء، فلا يُصيبك شعورُ الإنجاز بقدْر ما يُصيبني شعورُ “فراغٍ خانق” يُنادي (وماذا بعد؟) وهنا تأتي حالةُ خواءِ ما بعدَ الضغوط، وتفسُّخِ ما بعد “التوتر”.
وكأنني باستخدامي لطريقة تقطيع الأحلام وبتْرِ المشاريع، أقوم باستبقاء حالةٍ من “التوتر” المهم لوتَر العمل والإنجاز في حياتي، فلا أُعرِّض نفسي مطلقًا لحالة خواءِ ما بعد الضغوط. فلا أتعرض لاكتئاب الإجازات إذا ما كنتُ أتنقل بين دراسة وأُخرى، وكليةٍ والتي تَليها، تُسلم كلُّ واحدةٍ منها للأُخرى، فلا وقتَ للانهيار، ولا أملِك رفاهيةَ الشعور بالملل!
وكلُّ كتابٍ يَنطق فكرةً تجعلني ألتقط التالي!
ربما أتعامل مع عقلي بنظام (الويكي) أو الإحالات، فلا أُنهي فيه ملفًّا، بل أجعل كلَّ ملف يحملني لِما يليه. نوعٌ من التداعي الحياتيِّ الحُر. نعم، قد تكون مُحصلةُ التركيز متدنيةً بشكلٍ ما، ولكن بشكلٍ عامٍّ وبعد مرور الأعوام، لا يمكنني أن أتشكك في أنني أحمل بضعةً من كلِّ طريقٍ سِرتُ فيه!
ولكنني اليومَ أعود لأُقابل الوَحشَ الرابض ينتظر مني “أن أُنهي شيئًا ما” لينقضَّ ثانيةً! يُباغتني بحلوله الثقيل بعدما أَنهيت كتابًا لتوي، وأقف في حَيرةٍ بين “في أي شيء أبدأ”،
ربما هذا هو السبب الأعمق “أنني لا أُتقن البدايات”، أُحب أن تُسلمني المشاريعُ إلى بعضها عفويًّا، فيُسلمني كلُّ كتاب لما يَليه، أو تدفعني لحظةُ اختيارٍ عفويٍّ لتَركِ ما بيدي لأرحل لوجهة أُخرى. أمَّا أن أُنهي طريقًا ما وأبدأ في اتخاذ قرارِ سلوكِ وجهة تالية، فهو شيءٌ بَغيضٌ للغاية!
إذًا نحن أمام عاملين هنا: حالةُ الخواء بعد التوتر والضغط، وحالةُ الحَيرة وعدمِ القدرة على اتخاذ قرارٍ سريعٍ أو التزامٍ مباشرٍ بوجهةٍ جديدة!
ولكننا سنُواصل في التدريب على مهارة الالتزام، والمواصلةِ والاستمرارية، ولنرَ ما سينتج عنها.
نريد السبب لهذا الخواء
وكيف العلاج والخلاص
متى يستقر للمرء قرار اذا كان يهرب من نفسه
مم نهرب ولأي جهة نستقر
أما آن لهذا الجري من سكون ؟؟؟
أما إذا وجدت الإجابة فأعلمنا