حين يدعوك (الرأسمالي) للعمل 12 ساعة فإنه لا يدعوك تحفيزًا وإلهامًا لكنها رسالة (السيد) للعُمال، يقارن بعض واقعهم ببعض واقعه ببراجماتية تُحقِّق أمريْن:

  • دفعًا للعمل بترويج الوهم المتمثل في فكرة خرقاء -قد تصل للبسطاء منهم- تمنحهم أملًا زائفًا: (إنك إن عملت عدد ساعات عملي، وبذلتَ جهدك في عملك (الذي هو من أجلي) ستصير مثلي).
  • وإلهاءً عن المقارنة الحقيقية (في الربح) والامتيازات والحقوق المتناسبة مع الجهد.

‏وفي الوقت نفسه لا يَسعنا أن نُهمل بعض الصدق في حديثه، فالكذب لم يكن في فائدة العمل 12 ساعة يوميًّا وجدواه وإنما في تماثُل التأثيرات المباشرة لهذا الكم من العمل على حياتنا وحياته..

دعني أُفصل لك:

المحك الرئيسي يكمن في (ملكية العمل) مقابل (المملوكية للعمل)؛ ‏كل مالك لعمل (صاحب شغل، أو رائد أعمال) يدرك جيدًا أنه بمقدار ما يدفع من وقته وجهده في عمله سيجد تأثيرًا بالغًا على رفاهيته، بل كلهم يعلم أنه إن أفسد توازن (العمل-الحياة) لبضعة أشهر سيحظى بعطلات أكثر تركيزًا تُعزيه عمَّا فقد وتُخفف عنه تأثيرات ما أهمل، هذا فقط لأنه (يملك عمله). ‏فحين تملك عملك فإن (الربحية) تتناسب طرديًّا مع الجهد والوقت -بفاعلية- بل تفيض الربحية بأضعاف ما يبذل. كما أن الشغف والدافعية المرتبطين بملكية العمل (صاحب الشركة) يفوقان مثيليهما لدى الموظف (ابن الشركة).

هذا في سياق الملكية للعمل.

أمَّا في سياق المملوكية (الموظفية/ أن أعمل في عمل يملكه غيري) فهذه القاعدة لا تنطبق؛ فالربحية لا يمكن أن تتعدى حدًّا بعينه، وكافة امتيازات الحوافز والمكافآت وعواقب التقييم لا تتناسب طرديًّا بشكل مستقيم (خطِّيٍّ متصاعد) مع الجهد والوقت، ولا يمكن اعتبار (التضحية) أحيانًا إلا ضربًا من العبث والمقامرة الحمقاء، لشخص يشتري بمبلغ ضخم امتيازات تافهة قد لا تكون ملاحَظة. (فأن تعمل في الويك إند في شركتك من أجل ابتسامة مديرك وثناء المالك قد يُقارن بدفعك آلاف الدولارات من أجل آيفون 16 وأنت تملك آيفون 15 برو ماكس!) هل الامتيازات الإضافية تستحق مثل هذا الهدر أَم أنها في الحقيقة امتيازات زائفة ووهمية؟!

‏لذا فإن خطاب الملكية لا يستقيم في تطبيقه على المملوكية لاختلاف قوانين الربح وسقف التأثير بينهما. ‏وحين يسوق مَن هو في سياق الملكية خطابه نحو مَن هم في سياق المملوكية فهو يحمل غرضًا تلاعبيًّا، لا عجب أن يثير مثل هذا السخط. ‏وإن كان حديثه صادقًا بل ومحبَّذًا في سياق مغاير.

3 تعليقات على “إدمان العمل .. استهلاكية أم شغف!

  1. dentayaelsayed يقول:

    قد يكون سياق المالك مثيرا للسخط فعلا ولكن المملوك سيبحث عن معني يخفف به ألمه لانه لايقدر علي تبديل السياق.

  2. asel_clouds يقول:

    ممتاز ، المقال التاني عن الأسهم 😂😂🤝🏻
    (بهزر) لا جد حلو والله ، هادي حقيقة الصراحة
    دايماً حتلاقي ناس بتشتغل علشان توفر لقمة عيش وناس بتشتغل علشان هي عايزة تشتغل و هنا الفرق من السما للأرض

  3. إيمان يقول:

    أتفق وبشدة، وهذا ما نعيشه خاصة نحن الذين نعاني من جلد الذات ونبحث عن تقدير الذات فيتم خداعنا لسنوات عديدة إلى أن نستيقظ ونبدأ في التعافي، وهذا من ثمار التعافي 😍

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

0